الجمعة، 22 أغسطس 2008

حول الكتابة - 2 من كتير


مع الوقت، كل حاجة - تقريبا - بتتغير، حتى علاقتنا بالكتابة، اللى هى ممكن تكون أهم حاجة فى حياتنا على حسب كلامنا، وعلى حسب تصرفاتنا وعلى حسب الوقت والطاقة اللى بنحاول نكرسهم ليها.
أول ما كل واحد فينا ابتدا يكتب، ماكنش تقريبا يعرف أى حاجة، ماعندوش فكرة هو بيعمل إيه أصلا، بيخبط فى الضلمة، لا عارف يعنى إيه نوع ولا شكل ولا مضمون ولا أسلوب ولا غيره. لا عنده فكرة عن الجوايز ولا أفضل المبيعات ولا الجمهور ولا النقاد ولا الندوات وحفلات التوقبع، إلخ إلخ إلخ.
لو الواحد يقدر يفتكر - كل يوم أو حتى كل أسبوع - هو إزاى ابتدا يكتب وليه، ممكن ده يحميه من حاجات كتير قوى- مشاكل أو أفخاخ ممكن يقع فيها - أنا مثلا، ابتديت أكتب ليه؟
1- لأنى اكتشفت إن الرسم محتاج فلوس كتير علشان الواحد يقدر يركز فيه ويعمل معاه حاجة بجد..
2- ولا لأنى سمعت قصة المحفظة بتاعة يوسف إدريس فى الراديو، لما مات، وعملوا لها سهرة خاصة، وبهرتنى حالة تحول الولد الصغير إلى راجل مسئول فى لقطة صغيرة ومحبوكة وموجعة.
3- ولا لأنى كان عندى كلام كتير جدا، مش عارف ينفع أقوله ولا لأ، مش عارف حتى ممكن أقوله لمين، فكتبته وخلاص.
4- ولا لأنى كنت عايز ألفت انتباه اللى حواليه - كلهم كلهم - ليه، بشطارتى فى صياغة الجمل، والأكاذيب، وابتكار الأفكار.
دلوقت، مش عارف، ممكن تكون الحاجات دى كلها متفرعة عن حاجة أبعد منها، الماسورة الأم، الكابل الرئيسى، النبع، الحاجة الغامضة اللى كانت ممكن، زمان على الأقل، تصحينى من عز النوم، علشان أسجل فكرة قبل ما تضيع.
طيب سيبنا من زمان، اللى حصل حصل وخلاص، دلوقت أنا لسه بأكتب ليه، يا ترى لسه فيه سحر بجد زى زمان فى عملية الكتابة، لسه فيه دهشة، لسه فيه متعة الاكتشاف، لسه ولا خلاص، الموضوع بقى بيتكرر بحكم العادة، بحكم إنى اتحسبت كاتب ولازم أكتب وخلاص، عشان ما أخذلش نفسى وأخذل اللى حواليه - اللى كنت من فترة حابب اجذب اهتمامهم بأى طريقة ودلوقت مش طايق الحد الأدنى من الاهتمام ده، وعايز أختفى بكل الطرق الممكنة -
محتاجين - أنا على الأقل محتاج - ننكش بإبرة على المتعة البكر اللى كنا بنلاقيها فى الكتابة، حتى ولو كتبنا كل يوم، وده مش عيب زى ما بعض الأغبيا بيقولوا، حتى ولو كتبنا كل يوم لازم نحس جوانا نفس الزغزغة الغريبة، نفس القلق والرعب من الورقة البيضا، نفس لهفة أول معاد غرامى. عشان ما نتحولش لمخلوقات غريبة، الكتابة بالنسبة لها زى طب الأسنان أو تسليك البلاعات، موظفين من نوع غريب، مساجين بإرادتهم، بيمثلوا إنهم مهمين وهمه عارفين إنهم مش مهمين ولا حاجة، وإن الدنيا بيهم ولا من غيرهم ماشية، ويمكن من غيرهم تمشى أحسن بكتير.

هناك 8 تعليقات:

أسما عواد يقول...

محمد عبد النبي
عندك حق
الخوف يا محمد من موت الدهشة ليس في الكتابة فسب وانما في الحياة ككل
هل هي مرحلة من مراحل النمو
ام مرحلة من مراحل النضج وعلينا ان ندفع ثمنا غاليا لنضجنا
البراءة والدهشة هما الثمن الذي ندفعه أثناء التطور
شكرا لك وتحياتي

فنان فقير يقول...

الرقيقة أسما
هناك مهمة صعبة للغاية على كل منا وهى الحفاظ على قدرته على الاندهاش
سواء فى الكتابة أو فى الحياة
أرجو أن تواصلى هذه المهمة على طوووول

سيد الوكيل يقول...

الكلام ده مهم
أنا لغاية دلةقت معرفش أجاوب على أى سؤال منهم
كل اللى أعرفه أن حياتى كان فيها خطوط كتير وكلها مفتوحة ، مثلا كان ممكن أكون فنان تشكيلى أو ممثل ، أوترزى مثل أبويا ، أو شاعر فاشل بالتأكيد مثل كثيرين ، لكن ليه السرد باالذت .. يمكن لأنه كان الأسهل بالنسبى لى
ولا لأنى مالقتش حد من النقاد يقول لى أمشى ألعب بعيد يابنى

أميرة الوكيل يقول...

محمد..
قد ايه كلامك الحقيقى دا خوفنى ، لأنه ببساطة قال الشئ اللى إحنا عايشين بنتعامل معاه على أساس أنه عادى
لكن لما يبدأ حد يقوله مباشرة .. وقتها نحس أنه مش عادى .. مع أنه أكيد مر علينا كلنا السؤال دا مرور الكرام..
لذة الاكتشاف أو لحظة المعرفة والاختراق من أمتع المشاعر اللى لو عاش الإنسان عمره كله من غير ما يحسها ، تعرف أنه من البداية إنسان ميت .. لأنها هى البوابة لعالم من السحر والخيال الفنى... وحالة الزغزغة أو الرعشة دى ، ماينفعش أنها تنتهى .. وهو نفسه سر أنك تفضل تسأل نفسك ..أنا كتبت إمتى وإزاى وليه ؟؟
وعلى رأي المثل إذا عرف السبب بطل العجب .. ومتحاولش تعرف السبب ، المتعة أنك تعيش عمرك كله تدور على السبب اللى أنت متأكد أنك مش هتلاقيه.. حد فاهم حاجة..
هاهاها
صباحك حليب

دمت صديقاً مبدعاً
أميرة الوكيل

soha zaky يقول...

طول عمرك كدا بتسأل ومش هاتقف عن الاسئلة ، انت ايها الفنان الفقير الباحث عن اصعب متع الحياة وهى الاكتشاف واصعب وصول للذة ربما لن يصل لها الكثيرون ، اننى اتفق معك فى الكثير مع العلم اننى لم افقد بعد دهشتى من العالم رغم كل ما مررت به ، والآلم الاكبر عندما تكتب شيئا هو تجربة عمر فتفاجأ بأنه مر مرور الكرام وكأنك لم تعيش ولم تبحث ولم تأن ولم تكتب
تحياتى لهذه الكتابة يا صديقى الحبيب ويارب دائما كدا فاحمنا بكتابتك الجدلية الجميلة

JALAL يقول...

كتبت منذ أيام شيئا مشابها أسميته "عصاب الكتابة",و كان المقال عصابيا بحق حتى أن مسألة نشره في المدونة ستكون شيئا مستفزا..لكن ما آمنت به منذ اللحظة الأولى و في كل لحظة أكتب فيها هي ما قرأته بعد ذلك عن أن الكتاب يكتبون لسبب واحد و هو أنهم يجب أن يفعلوا ذلك..
مما يجعل الأمر مغرقا في الذاتية,و ربما كان مقدار الصعوبة ليس في شيء قدر ايصال نفسك إلى الآخر بلا غموض,أما الاندهاش فهي موهبة أخرى ربما كانت مستقلة تماما عن موهبة الكتابة نفسها,و اكتسابها يبدو شيئا عسيرا فعلا.

أسما عواد يقول...

هيه يا محمد
موش ناوي على بوست جديد
كل سنة وانت طيب وعيد سعيد

أسما عواد يقول...

ايه يا فنان
موش ناوي تنزل بوست جديد؟
مقلتليش رأيك في الكتاب؟